حتفل مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل في هذا اليوم الذي يصادف 21 ماي 2024 بمرور 50 عاما على تأسيسه. وهو ما يمثل نصف قرن من العمل الدؤوب في خدمة الشباب والمقاولات والمساهمة في التنمية المجالية، فخلال هذه المسيرة الحافلة، حققت المؤسسة العديد من الإنجازات الهائلة.
تاريخ حافل بالإصلاحات والتقدم والابتكار
تأسس مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سنة 1974 بموجب الظهير رقم 1-72-183، ليصبح بمرور السنين أهم فاعل عمومي للتكوين المهني على الصعيدين الوطني والقاري. وقد تم تعزيز مكانته المركزية هذه عبر سلسلة من الإصلاحات والبرامج والمبادرات المبتكرة التي تم تنفيذها لتلبية الحاجيات المضطردة لسوق الشغل.
ومن أهم المحطات المميزة في تاريخ مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل نجد الخطاب الملكي السامي للملك الراحل الحسن الثاني في يوليوز 1984، والذي أعلن فيه عن إطلاق إصلاح نظام التكوين المهني. حيث تمت ترجمة هذا الإصلاح إلى مشاريع رائدة، لاسيما فيما يتعلق بتطوير الطاقة الاستيعابية وإحداث مستويات التكوين الثلاث: "التخصص" و"التأهيل" و"التقني"، ثم في سنة 1993 تمت إضافة مستوى "التقني المتخصص". وينضاف إلى جملة هذه الإصلاحات تحسين جودة التكوين وتكييفه مع سوق الشغل، فضلا عن تعزيز التشاور مع المهنيين وإشراكهم في التكوين.
خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني: نقطة تحول حاسمة في تاريخ المؤسسة
استمرت الإصلاحات حتى عام 2019، تاريخ إعداد خارطة الطريق الجديدة لتطوير التكوين المهني. إذ جاءت هذه الخارطة لتحدد المعالم الرئيسة لاستراتيجية طموحة تتطلع إلى إنشاء جيل جديد من مراكز التكوين المهني متعددة القطاعات، والتي تشكل أبز مشاريع هذه الخارطة الجديدة. هذا بالإضافة إلى التأهيل المندمج للعرض التكويني والتميز العملياتي، وتحديث المناهج البيداغوجية، وتعزيز قابلية تشغيل الشباب، وتحسين جاذبية التكوين المهني، خاصة من خلال التوجيه المبكر.
إنجازات ملموسة
خلال العقود الخمسة الماضية، حقق مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل العديد من الإنجازات الملموسة، حيث رفع طاقته الاستيعابية الإجمالية لتصل إلى 410.000 مقعد بيداغوجي، مقابل 2384 متدربا عند إنشائه سنة 1974. كما تم تعزيز الجهاز التكويني لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل من خلال الانتقال من 28 مؤسسة سنة 1974 إلى ما يزيد عن 400 مؤسسة اليوم، بما في ذلك 4 مدن للمهن والكفاءات، والتي تمثل جيلا جديدا من مؤسسات التكوين المهني.
تألق يتجاوز الحدود
على مر السنين، استطاع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل تجاوز الحدود الوطنية ليمتد إشعاعه على المستوى القاري. فبفضل الشراكات الاستراتيجية التي تجسدت من خلال التوقيع على 107 اتفاقية تعاون مع أكثر من 35 دولة شريكة، استطاع المكتب توسيع نطاق نفوذه وتأثيره على الصعيد الأفريقي.
ويشهد هذا الإشعاع القاري على التزام مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لأكثر من 50 عاما، بالتعاون جنوب-جنوب ورغبته في المساهمة بشكل إيجابي في تقدم وازدهار القارة الإفريقية. إذ عزز مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل في مجال التعاون الدولي، شراكاته بهدف تقوية انفتاحه على الممارسات الفضلى والابتكارات البيداغوجية وتطوير الكفاءات.
تأثير اجتماعي هام
منذ إحداثه، يولي مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل اهتماما خاصا بإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع من خلال العديد من برامج الشراكة، حيث استطاع المكتب إحداث مراكز تكوينية خاصة بهذه الفئة، سواء كانت مراكز مختلطة أو متخصصة تأخذ بعين الاعتبار حاجيات هؤلاء الشباب فيما يتعلق بتسهيل الولوجيات وتمكينهم من برامج تكوينية ذات جودة عالية.
وتشمل هذه البرامج على وجه الخصوص تلك التي تم تنفيذها بالتعاون مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والتي أنشأ المكتب بموجبها 10 مراكز مختلطة للتكوين المهني، توفر طاقة استيعابية إجمالية تزيد عن 7000 مقعد بيداغوجي وتوفر عرضا تكوينيا متنوعا، يستجيب لحاجيات الشباب ذوي الإعاقة الحركية.
كما يضم الجهاز التكويني للمكتب، في إطار شراكته مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، مراكز متخصصة، على غرار المراكز الوطنية محمد السادس للمعاقين المخصصة للشباب الذين يعانون من إعاقات ذهنية وغيرها من الاضطرابات المماثلة. وفي إطار نهج تعاوني وتشاركي بهدف تعزيز الجهاز التكويني للمكتب في هذا المجال، تم إنشاء مراكز أخرى بالشراكة مع التعاون الوطني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي هذا اليوم المميز، لا يكتفي المكتب بالتذكير بإنجازاته الماضية، بل يتطلع بثقة إلى المستقبل ويطمح إلى الاستمرار في لعب دور رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب والقارة الأفريقية.